مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
حجة النبي صلى الله عليه وسلم
الصحيح أن الحج على الفور، وإذا قيل: لماذا أخَّر النبي صلى الله عليه وسلم الحج إلى سنة عشر؟ فالجواب: أنه لم يتمكن؛ وذلك لأن المشركين كانوا قد تولوا على البيت، توجه في سنة ست مُحرما يُؤمل أن يدخله بعمرة، ولما جاء إلى الحديبية اسم> صرفوه وقالوا له: لا يمكن أن تدخل وتعرف العرب أنا أخذنا ضغطة؛ فتحلل وهو بالحديبية اسم> نزل في ذلك قول الله تعالى: رسم> هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ قرآن> رسم> ولكنهم صالحوه على أن يأتي من العام القابل في سنة سبع، وأن يعتمر، وألا يقيم بمكة اسم> أكثر من ثلاثة أيام، فامتثل ذلك.
ففي سنة سبع جاء في شهر ذي القعدة وأدى عمرته فقط، ولم يمكنوه من أن يزيد على ثلاثة أيام؛ فانصرف بعد ثلاثة أيام في شهر ذي القعدة، ولما كان في سنة ثمان فتح الله تعالى عليه البلد، فتح عليه مكة اسم> لما جاء بعد أن نقض المشركون العهد، جمع المسلمين في عشرة آلاف ودخل مكة اسم> وفتحه الله، وذلك هو قوله تعالى: رسم> لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا قرآن> رسم> وقيل: إنها المراد من قوله تعالى: رسم> إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا قرآن> رسم> .
رسم> فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا قرآن> رسم> ؛ لما فُتحت مكة اسم> في رمضان في سنة ثمان بقي في مكة اسم> إلى أن مضى جزءا من شهر شوال، ثم إنه غزا هوازن في حنين اسم> وهزمهم، وكذلك واصل السير بمن معه إلى الطائف اسم> وحاصروا الطائف اسم> ودام الحصار نحو أربعين يوما وهم محاصرون الطائف اسم> ولم يستسلم أهل الطائف اسم> وبقوا متحصنين بحصونهم، ثم رجع إلى الجعرانة اسم> واعتمر من الجعرانة اسم> في أول شهر ذي الحجة -أو في آخر ذي القعدة- واشتغل بقسم غنائم حنين ولم يتمكن من الحج في ذلك الزمان وحج المشركون.
وفي سنة تسع أسلم من حول المدينة اسم> ومن حول أهل مكة اسم> وأسلم أيضا أهل الطائف اسم> وأسلم العرب الموالي اللذين في نجد اسم> وفي الحجاز اسم> ولما أسلموا كان كثير منهم على عاداتهم، وبقي بعضهم لم يسلم، أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر اسم> أميرا على الحج في سنة تسع، وأردفه بعلي اسم> وأردفه أيضا ببعض الصحابة، وأمرهم أن ينادوا في منى اسم> وفي عرفة اسم> وفي المزدلفة اسم> وفي المشاعر أن يقرءوا أول سورة براءة رسم> بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قرآن> رسم> ؛ فكانوا ينادون: لا يحج بعد هذا العام مشرك؛ لأن الله نهى عن أن يحج المشركون أو يدخلوا البيت، ولا يطوف بالبيت عريان. وكانوا يطوفون في الجاهلية عراة إذا لم يتيسر لهم كسوة من أهل مكة اسم> ؛ فأمرهم بأن يمحوا تعاليم الشرك، وما كان أهل الشرك يعملونه حتى تنظف البيت اسم> وتنظفت مكة اسم> وزال ما فيها من آثار الكفر، ومن آثار الشرك؛ فعند ذلك حج النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع وحج معه المسلمون كلهم، قيل: إنهم بلغوا مائة وأربعين ألفا -يعني تقريبا- الذين حجوا في ذلك العام، ولما حجوا أخذ يعلمهم -صلى الله عليه وسلم- مناسك الحج التي هي مجملة في القرآن؛ يعلمهم ويقول: رسم> خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعدها. متن_ح> رسم> وكأنه أشعره الله وأوحى إليه أن هذه آخر سنة يعيشها؛ ولأجل ذلك مات بعدها ببضع وثمانين يوما.
دل ذلك على أنه ودَّع، الناس لما حج سميت حجة الوداع؛ لأنه ودع فيها الناس، بيَّن لهم مناسكهم.
مسألة>